كان هناك رجلٌ شيخٌ طاعنٌ في السن يشتكي من الألم والإجهاد في نهايةِ كل يوم. سأله صديقه: و لماذا كل هذا الألم الذي تشكو منه؟
فأجابه الرجل الشيخ:
يُوجد عندي بازان (الباز نوع من الصقور) يجب عليَّ كل يوم أن أروضهما
و كذلك أرنبان يلزم أن أحرسهما من الجري خارجاً
و صقران عليَّ أن أُقودهما و أدربهما
و حيةٌ عليَّ أن أحاصرها
و أسدُ عليَّ أن أحفظه دائماً مُقيَّداً في قفصٍ حديدي
و مريضٌ عليَّ أن أعتني به واخدمه
قال الصديق: ما هذا كله لابد أنك تضحك، لأنه حقاً لا يمكن أن يوجد إنسان يراعي كل هذه الأشياء مرةً واحدة.
قال له الشيخ:
إنني لا أمزح و لكن ما أقوله لك هو الحقيقة المحزنة و لكنها الهامة
إن البازين هما عيناي و عليَّ أن أروضهما عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه باجتهادٍ و نشاط
و الأرنبين هما قدماي و عليَّ أن أحرسهما و أحفظهما من السير في طرقِ الخطيئة
و الصقرين هما يداي و عليَّ أن أدربهما على العمل حتى تمداني بما أحتاج و بما يحتاج إليه الآخرون من إخواني
و الحيةُ هي لساني و عليَّ أن أحاصره و ألجمه باستمرار حتى لا ينطق بكلامٍ معيبٍ مشين
و الأسد هو قلبي الذي تُوجد لي معه حربٌ مستمرة و عليَّ أن أحفظه دائماً مقيداً
كي لا تخرج منه أمور شريرة
أما الرجل المريض فهو جسدي كله الذي يحتاج دائماً إلى يقظتي و عنايتي و انتباهي
إن هذا العمل اليومي يستنفد عافيتي
إن من أعظم الأشياء التي في العالم
هي أن تضبط نفسك و لا تدع أي شخصٍ آخر محيطاً بك يدفعك و لا تدع أيَّاً من نزواتك و ضعفك و شهواتك تقهرك و تتسلط عليك.
لا يوجد أعظم مما خلقك الله لأجله
و هو أن تكون ملكاً على نفسـك